المعارضة الديجيتال

كلما بحثت عن السبب الحقيقي وراء عزوف الناس البسطاء عن المشاركة في الحياة السياسية والمطالبة بحقوقهم لم اجد سببا قويا يدفع الناس الي الحالة التي هم عليها رغم انني متاكد انه بعد قراءة هذه الكلمات سنجد الكثيرين يسهبوا في سرد الاسباب الحقيقية وراء هذا الموضوع ولكن للاسف دائما يضع السياسي نفسه عند البحث عن الاسباب خارج اطار المشكلة تماما لدرجة انك قد تشعر انة كان مهاجرا وعاد لتوه الي مصر والماساة الحقيقية اننا جميعا نعرف المشكلة ونعرف اسبابها ونعرف ايضا كيفية حلها ولكن للاسف يتصور السواد الاعظم من السياسيين الان ان مهمتهم هي وضع حلول للمشكلة وينسون دورهم الاهم في محاولة تطبيق هذه الحلول بطريقة صحيحة مما يساعد علي سرعة حل المشكلة نهائيا
وعلي سبيل المثال عندما يناقش بعض السياسيين ازمة المعارضة في مصر ووقوفها عند حدود النخبة وعجزها ان تكون معارضه شعبية حقيقيه وبالطبع الاجابات معروفه مسبقا وهي النزول الي الشارع وتبني قضايا المواطن البسيط الخ الخ ... وهنا يقف دور السياسي في ايجاد الحل ولا نعلم من يعتقد انه المسؤول عن تطبيق هذه الحلول , ولاتتخيلوا مدي دهشتي عندما بدات اتامل هذا الكم الهائل من المدونين والمجموعات البريدية والمنتديات والمواقع المهتمة بالقضايا السياسية وايضا العدد الكبير من الافراد المشتركين والمتفاعلين مع هذه الوسائط ومع ذلك مازلنا كما يقولون ( محلك سر ) ولايوجد سبب لذلك غير ان معظم النشطاء السياسين اصبح الانترنت بالنسبة لهم غاية وليست وسيلة لدرجة انهم اصبحوا يحاولون تخيل واقع وهمي ليس له وجود الا في مخيلتهم فقط يحاولون من خلاله تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه علي ارض الواقع ويتم ذلك من خلال افتعال ازمة بين طرفين حول قضية ما ويحارب كلا من الطرفين في سبيل اثبات صحة افكاره ونظرياته مع انه في كثير من الاحيان يكون الطرفان علي قدر كبير من الجهل بالمشكلة التي هم بصدد تحليلها ومحاولة حلها وقد تنتهي المناقشة بينهم الي لا شيء لانه لم يكن الهدف الاساسي من وراء اثارة هذه القضية حلها اساسا هذا بالاضافة الي اساليب الحوار السطحية والهشة والمبتزلة في بعض الاحيان والتي قد تنتهي بسباب وشتائم وفي بعض الاحيان بمشاجرة ( والله يمكن الحزب الوطني ما بيعمل كده ) ولذلك قررت ان اطلق لقب المعارضين الديجيتال علي هؤلاء الافراد الذين لانسمع لهم صوتا الا علي صفحات النت والمشكلة الحقيقية من وجهة نظري اننا صرنا نسير في دائرة مغلقه فالمعارضين الديجيتال يطرحون القضايا وهم وحدهم الذين يناقشونها وهم ايضا الذين يضعون حلول لها فلم نسمع مرة مثلا عن احد المعارضين الديجيتال ينزل الي الشارع لكي يعرف فيما يفكر المواطنين البسطاء( بواب العمارة – بتاع اللبن – بتاع البطاطا – بتاع الفول هذا اذا كانوا من الاساس يعيشون في مناطق يوجد فيها بتاع البطاط وبتاع الفول) وهل هم علي دراية تامة بكل ما يحاك ضدهم من قبل النظام ام لا وانا علي استعداد لتحدي كل المعارضين الديجيتال ان ينزلوا الي الشارع ويناقشوا هذه الطبقه من الناس ويجدوا اكثر من 10او 20% يعلمون السبب الحقيقي لما هم فيه من فقر وجوع بل قد تجد رجل فقير ولا يجد ما يكفيه لمواصلة الحياه ويجيبك ( الحمد لله يا بيه كل اللي يجيبه ربنا كويس ربنا ما بينساش حد ومحدش بيموت من الجوع ) بالطبع لااحد من المعارضين الديجيتال يعلم شيء عن هذه الحقيقه المفجعه الموجوده في قلب الشارع المصري وانا حقيقة اعذرهم لانهم مشغولون بقضايا الساعه والتي لايمكن تاجيلها ( اوقفوا هالة سرحان – بيان التيار الناصري في لبنان – لقد كان الرسول (ص) ليبراليا – الماديه الجدليه – موقف السنه من الشيعة ) وانا هنا لااقصد كل من تحدث او طرح هذه الموضوعات ولكني اتحدث عن مناضلين الانترنت فقط والذين اكتفوا يموقعهم بين صفوف المعارضة الديجيتال وللاسف لم نجد رجلا مثل استاذي العزيز د\يحيي القزاز الذي دعا بمبادرة فردية الي اعتصامين من انجح الاعتصامات ( اعتصام القضاة – اعتصام ميدان التحرير الاول ) ولذلك ارجو من كل من ينتظر تحرك الناس حتي يتحرك ان يبدا هو بالحركة حتي يقتدي به غيره وان يحاول مرة ومليون او ان يصمت للابد ويظل كما هو في صفوف المعارضة الديجيتال .